* الإيدز عدونا .. ومريض الإيدز صديقنا . *
قررت منظمة الصحة العالمية أن يكون يوم 1 ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للإيدز استشعارا منها بخطورة فيروس نقص المناعة البشرية الذي يعد ثاني أسرع الأمراض انتشارا في العالم وتخصص له الدول أعلى الميزانيات وتتكاتف عشر من منظمات الأمم المتحدة لمكافحته .
وفي الوقت الذي تشير فيه الاحصائيات إلى وجود 1341 حالة مصابة بالإيدز مسجلة لدى الجهات الصحية بمصر ، فإن الخبراء يؤكدون أن العدد الحقيقي أكثر بعدة أضعاف ، وأن آلاف المصريين – قدرتهم منظمة الصحة العالمية مؤخرا بأكثر من 9 آلاف – يحملون فيروس hiv المسبب لنقص المناعة ، ويجري في دمهم في صمت !!
عن حقيقة المرض وحجم انتشاره في مصر والجهود الرسمية والأهلية لمحاصرته وإجراءات الوقاية منه يأتي هذا التحقيق .
المتعايشون مع الإيدز :
في البداية يوضح الدكتور إبراهيم الكرداني المتحدث الرسمي للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن الجهود قد أثمرت مؤخرا عن اكتشاف علاج يسمح للمريض بالإيدز بالتعايش مع المرض وليس الشفاء منه .. فمريض الإيدز يمكنه اليوم أن يعيش حياة طبيعية مثله مثل مريض السكر أو الضغط إذا اكتشف المرض في مراحله الأولى وداوم على تناول الدواء واتخذ بعض الاحتياطات لمنع انتقال العدوى منه .. وهنا يبرز دور الإعلاميين في حث الناس على تغيير سلوكياتهم وتوفير كل المعلومات الخاصة بالمرض حتى لا تنقل الأم المصابة الفيروس إلى جنينها في الرحم أو من خلال الرضاعة الطبيعية أو ينقل الزوج المصاب المرض إلى زوجته والتوعية بوسائل انتقال الفيروس والمتمثلة في العلاقة الجنسية مع شخص مصاب أو الدم الملوث ومشتقاته والتأكيد على عدم عزل المصابين بالفيروس لأن العدوى لا تنتقل بالتعايش مع شخص مصاب ولا بمشاركته الطعام ولا بالمصافحة .
وحذر د. إبراهيم من تصاعد نسبة الإصابة بالفيروس في منطقتنا العربية لعدم مواجهته بصراحة في حين أن هذا المرض يحتاج إلى مواجهة صريحة واتخاذ الاحتياطات للوقاية منه .. وهذه هي مسئولية الإعلام الذي باستطاعته التوعية بالمرض من خلال توجيه رسائل موجزة ومتكررة للفئات الأكثر تعرضا للإصابة به مثل الشباب والمراهقين والأطفال العاملين وفي السجون بمثل العبارات التالية :
بادر بالتحليل .. التحليل لا يحتاج إلى تعليل .
اسأل .. فالإيدز لم يعد يحتمل الصمت .
أصبح هناك علاج جديد للإيدز .. وتبقى الوقاية أهم .
الإيدز عدونا .. ومريض الإيدز صديقنا .
وأضاف د. إبراهيم : الإيدز ليس مجرد مرض عضوي لكنه أيضا مرض اجتماعي ليس له حدود سواء جنس أو دين أو سن أو معتقدات ثقافية والدليل على ذلك أن في كل دقيقة يتعرض 4 أشخاص في العالم للإصابة به .
80% من الإصابات عن طريق الجنس :
من ناحيته كشف الدكتور زين العابدين الطاهر مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز أن الرقم المسجل للمتعايشين بفيروس الإيدز منذ ظهور أول حالة إصابة في مصر في فبراير 1986 وحتى نهاية سبتمبر 2008 هو 2438 إصابة ، بقي منهم على قيد الحياة 1341 حالة ، معروفة لدى البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز ، وهناك رقم تقديري ترجحه منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز ، ويصل إلى 9213 مصاب .
وأشار إلى أن الحالات المكتشفة تتزايد ، وأن الزيادة في السنوات الأخيرة ليس سببها هو الإصابات الجديدة بقدر ما هو نتيجة التوسع في الكشف والرصد ، ففي سنة 2006 كان هناك 210 حالات إصابة مسجلة ، و2007 كان لدينا 293 إصابة ، وحتى الآن تم اكتشاف 340 حالة إصابة في 2008 .
وأكد د. الطاهر أن 80% من الإصابات المسجلة كانت عن طريق الجنس ، لكن من الخطورة أن نتعامل مع المصابين على أنهم منحرفون ، لأن جزءا كبيرا من هذه الإصابات كانت عن طريق العلاقات الجنسية الشرعية بين الأزواج .
وأشار إلى أنه توجد في مصر 6 مراكز علاجية تقدم العلاج والرعاية الطبية لمرضى الإيدز بالمجان في مستشفيات الحميات بالعباسية وإمبابة والمنصورة والإسكندرية وطنطا والمنيا ، وهناك أطباء متخصصون في كل مستشفيات الحميات والصدر في الجمهورية لتقديم الرعاية الطبية والإكلينيكية لمرضى نقص المناعة الطبيعية .
تعتيم إعلامي مرفوض :
أما الدكتورة سوسن الشيخ رئيسة الجمعية المصرية لمكافحة مرض الإيدز فتنتقد التعتيم الإعلامي على المرض خاصة عند اكتشافه لأول مرة في مصر عام 1986 ، لدرجة أنه لو وصلت معلومة للإعلام فغالبا ما تكون معلومة مسربة ، ونتج عن ذلك أن المجتمع أصبحت لديه مفاهيم كثيرة مغلوطة عن الإيدز ، وأصبح الجميع ينظر للمصاب بالإيدز على أنه بالضرورة غير مستقيم في ماضيه ، وللأسف هذا حكم غير صحيح في كل الأحوال فالفيروس كما ينقل عن طريق الممارسات الجنسية المحرمة ينقل عن طريق العلاقات الجنسية الشرعية بين الأزواج وينقل عن طريق التعرض لدم ملوث بواسطة الإبر والمحاقن خاصة لدى متعاطي المخدرات وعن طريق الحاجة لنقل الدم من مصدر غير آمن وغير موثوق .
وطالبت الدكتورة سوسن الشيخ بضرورة تغيير المجتمع المصري نظرته تجاه المتعايشين مع الإيدز ، لأن شعور المريض أو المتعايش بازدراء المجتمع سوف يحمله على عدم الاعتراف أو الإفصاح عن المرض لمن حوله الأمر الذي يعرض الجميع لكارثة انتشار المرض دون أن ندري ويصبح من المستحيل وضع أي مخطط استراتيجي لتحجيم الفيروس وبالتالي لابد من تقبل المجتمع للمتعايشين مع الإيدز مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع العدوى به .
حقائق عن المرض :
ومن الحقائق التي يجب أن نؤكد عليها أن فيروس نقص المناعة البشري لا ينتقل عن طريق الملامسة السطحية للجلد ، لأنه يحتاج إلى أوعية دموية لذا فالممارسات اليومية العادية كالقبلات والمصافحة بالأيدي والمشاركة في أدوات وأغراض المنزل أو العمل لا تنقل العدوى .
كما يجب أن نعلم – والكلام ما زال على لسان الدكتورة سوسن – أن فيروس نقص المناعة البشري لا يتكاثر إلا داخل الجسم البشري ( خلايا الدم البيضاء ) لذا فهو لا ينتقل عن طريق الهواء ولا الحشرات .
كما أنه يتسم بالضعف الشديد خارج الجسم البشري ، لذا فأدوات طبيب الأسنان والحلاقة لا تمثل وسيلة لانتقاله .
وللوقاية من المرض يلزم البعد وتجنب أية ممارسات جنسية محرمة خارج إطار الزواج الشرعي وفي حالة إصابة أحد الزوجين لابد من إعلامه واتخاذ كافة التدابير اللازمة للوقاية من انتقال الفيروس عن طريق العلاقة الزوجية وذلك بالاستعمال الصحيح والمنتظم للواقي الذكري أو الأنثوي .
وحين الحاجة لنقل الدم يجب الحصول عليه من بنوك الدم كمصدر موثوق به . كما يلزم الامتناع منعا باتا عن تعاطي المخدرات والمشاركة في إبر الحقن والمحاقن .
وللوقاية من انتقال الفيروس من الأم للجنين يلزم تطبيق برنامج منع العدوى من الأم إلى الجنين وتناول العلاج المضاد للفيروس حيث إنه يخفض نسبة انتقال العدوى للمولود من 25% إلى 2% واللجوء للولادة القيصرية واستبدال الرضاعة الطبيعية باللبن الصناعي .